أبدأ بتكملة الجملة التي كتبتها في العنوان:
«الحب أحلي ما في الكون»
واضح أني سوف أحدثكم عن الحب.
أكاد أسمع بعض الأصوات تعترض: وده وقته. أنت مادريتش بانهيارات البورصة العالمية، والكساد الاقتصادي اللي داخل عليه العالم ؟!
إجابتي المختصرة هي: بل لهذا السبب تحديداً أحدثكم عن الحب.
والأغرب أني سوف أحدثكم عنه من خلال ما كتبه عالم الفيزياء، مكتشف الذرة والحائز علي جائزة نوبل للعلوم سنة ١٩٢١، ألبرت أينشتاين.
ومال ده بده ؟!
أقول لكم. ما قاله «أينشتاين» عن المحبة والعطف والتوحد بين البشر وسائر أشكال الطبيعة والكون، سبقته إليه بمئات القرون الكتب السماوية، وما شابه ذلك من أقوال في الفلسفات القديمة. لكن أهمية أن يعيده ويقره ويؤكد عليه عالم نابغ مثل أينشتاين، يجعل من أمر الحب الواسع الشامل، أمراً يتفق عليه بعض أرباب العلوم مع كل أرباب الروح.
هنا يصبح الاتفاق كالآتي: الإنسان.. الطبيعة.. الكون، وحدة عضوية واحدة. علي أساسها تتحقق العدالة.. السلام.. المحبة علي الأرض وما فوقها وتحتها.
الكارثة المالية الأخيرة التي ضربت اقتصاد الولايات المتحدة في موضع مؤلم، والتي سوف تتداعي من ورائها اقتصاديات العالم كمستطيلات لعبة الدومينو، الواحدة تلو الأخري، سببها في الأصل والجوهر يعود إلي انتزاع الروح والعاطفة قصراً وعنوة من الجسد الاقتصادي العالمي، كما هندس لها مؤسسو الرأسمالية الغربية الجديدة، منذ المنتصف الثاني من القرن العشرين.
إن أردنا أن نفهم الأسباب وراء المرض والعلة، لابد أن نرد الظواهر إلي أصولها الحقيقية.
أينشتاين قال إن الإنسان يخطئ عندما يحصر صلته بالناس والطبيعة، فيما يدركه بعقله ومشاعره وحدهما. يخطئ عندما يحصر عطاءه وحبه وعطفه علي نفر محدود من الأقربين إليه. تلك الحالات أطلق عليها أينشتاين ما يسمي بالوعي المسجون وراء انغلاق الفرد علي ذاته، بمعزل عن كل مظاهر الحياة الواسعة المتنوعة حوله.
الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، التي مازالت في أول أطوارها، أوضحت بجلاء أن فشل الرأسمالية الغربية المتطرفة لا يعود إلي الفشل الإداري وحده، لكنه وهو الأهم، يعود إلي تلك النزعات الفردية.. الأحادية، المتطرفة، التي تعتمد علي عزل الفرد عن أقرانه، وفصله عن بيئته الطبيعية المحيطة.
وبذلك تصبح المعادلة الحياتية الحديثة في صورتها المتوحشة تقوم علي مبدأ: أنا كي أكسب لابد أن تخسر أنت!
وهو ما يفسر السبب وراء جوع مليار نسمة فوق الكرة الأرضية الآن، بالرغم من الوفرة الغذائية التي تغطي أسواقاً محدودة فيما يسمي بالعالم الأول.
وقد شهد شاهد من أهلها، حين أعلن الرئيس الفرنسي ساركوزي مؤخراً، علي مسمع من المجتمع العالمي والأمريكي، أنه قد آن الأوان لرأسمالية أكثر إنسانية.
__________________
لا إله إلا الله
محمد رسول الله