المفتي: محمد بن صالح العثيمين
إذا كان الإمام يصلي النافلة والمأموم يصلي الفريضة، وأقرب مثال لذلك في أيام رمضان إذا دخل الإنسان وقد فاتته صلاة العشاء ووجد الناس يصلون التراويح، فهل يدخل معهم بنية العشاء، أو يصلي الفريضة وحده ثم يصلي التراويح؟
* هذا محل خلاف بين العلماء:
- فمنهم من قال: لا يصح أن يصلي الفريضة خلف النافلة، لأن الفريضة أعلى، ولا يمكن أن تكون صلاة المأموم أعلى من صلاة الإمام.
- ومنهم من قال: بل يصح أن يصلي الفريضة خلف النافلة، لأن السنة وردت بذلك، وهي أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: لعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم؟
فالجواب عن ذلك أن نقول: إن كان قد علم فقد تم الاستدلال، لأن معاذ بن جبل رضي الله عنه قد شكي إلى الرسول في كونه يطول صلاة العشاء، فالظاهر أن الرسول اخبر بكل القضية وبكل القصة.
وإذا قدر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم أن معاذاً يصلي معه ثم يذهب إلى قومه ويصلي بهم، فإن رب الرسول صلى الله عليه وسلم قد علم، والله جل وعلا لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وإذا كان الله قد علم ولم ينزل على نبيه صلى الله عليه وسلم إنكاراً لهذا العمل دل ذلك على جوازه، لأن الله لا يقر عباده على شئ غير مشروع لهم إطلاقاً، فتم الاستدلال حينئذ على كل تقدير.
** إذاً فالصحيح أنه يجوز أنيصلي الإنسان صلاة الفريضة خلف من يصلي النافلة، والقياس الذي ذكر استدلالاً على المنع قياس في مقابلة نص فيكون مطروحاً فاسداً لا يعتبر.
إذاً فإذا أتيت في أيام رمضان والناس يصلون صلاة التراويح ولم تصل العشاء فادخل معهم بنية صلاة العشاء، ثم إن كنت قد خلت في أول ركعة فإذا سلم الإمام فصل ركعتين لتتم الأربع ركعات، وإن كنت دخلت في الثانية فصل إذا سلم الإمام ثلاث ركعات لأنك صليت مع الإمام ركعة.
وهذا هو منصوص الإمام أحمد مع أن مذهبه خلاف ذلكم، ولكن منصوصه الذي نص عليه شخصياً أن هذا جائز. هذا والله أعــلم
لاتنسونا من دعواتكم :lol!: