حال الحبيب صلى الله عليه وسلم في رمضان
قال تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )
1- كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعد استعدادا مبكرا لرمضان فلقد كان من دأب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يهيئ نفسه للعبادة قبل الدخول فيها فكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا قام ليصلى بالليل يبدأ بركعتين خفيفتين .قال الشاطبى في الموافقات أن هذه السنن والنوافل بمثابة التواطئه وإعداد النفس للدخول في الفريضة على الوجه الأكمل ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان حتى تستعد وتتهيىء نفسه لصيام رمضان.
2- كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتفل بقدوم شهر رمضان وينبه الأمه إلى كيفيه اغتنام هذا الشهر فيقول (إن هذا الشهر قد حضركم ،وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم) صحيح سنن ابن ماجه .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( إذا كانت أول ليله من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادي مناد: ياباغى الخير أقبل وياباغى الشر اقصر ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليله ) صحيح ابن ماجه
وكان يقول صلى الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فأكملوا عد’ شعبان ثلاثين يوما )
3- وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال يقول (اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربى وربك الله)
4- وكان صلى الله عليه وسلم يحب تأخير السحور وتعجيل الفطر ويقول (لا يزال الناس بخير ماعجلوا الفطر)
ويقول صلى الله عليه وسلم (تسحروا فان في السحور بركه(
5- وكان صلى الله عليه وسلم يرغب أصحابه ولأمه في فضائل الأعمال في هذا الشهر الكريم فكان يقول (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه(
ويقول (من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجره الصائم شيئا(
6- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على قراءة القرآن فيقول (اقرءوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه(
7-وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن فضول الكلام وقول الزور فيقول (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه(
وكان ينهى عن مقابله السيئة بالسيئة ويقول (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل فان شاتمه أحد أو قاتله فليقل أنى صائم(
8- وكان صلى الله عليه وسلم يرغب في الدعاء عند الفطر فيقول ( ثلاث لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوه الظالم (
وكان صلى الله عليه وسلم يدعوا فيقول (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر(
9-وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب في الجود الكرم عن أبن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود مايكون الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدرسه القرآن
فالرسول أجود بالخير من الريح المرسلة
10-وكان صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الرجل إذا صلى مع الأمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة(
11-وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى لقي ربه ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها ،عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها ،وقالت كان النبي إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله
12-وكان النبي يحرص على تحرى ليله القدر ويقول صلى الله عليه وسلم (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان(
وكان النبي يقول (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه(
وكانت عائشة رضي الله عنها تقول يارسول الله أرأيت إن وفقت ليلة القدر ماأقول فيها قال عليه السلام قولي اللهم انك عفوا تحب العفو فاعفوا عنى(
13-وكان النبي يرغب في العمرة برمضان فيقول عمرة في رمضان تعدل حجة معي(
14-وكان النبي يأمر بإخراج زكاة الفطر من رمضان قبل صلاة العيد ولم يأمر بإخراج القيمة المالية عنها كان يقول (صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من طعام عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين (
15-والنبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى مصلى العيد ماشيا ويصلى بالناس ركعتين ثم يخطب في مصلى العيد
لم يكن حال النبي - صلى الله عليه وسلم- في رمضان كحاله في غيره من الشهور ، فقد كان برنامجه - صلى الله عليه وسلم- في هذا الشهر مليئاً بالطاعات والقربات ، وذلك لعلمه بما لهذه الأيام والليالي من فضيلة خصها الله بها وميزها عن سائر أيام العام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان قد غفر له من تقدم من ذنبه ، إلا أنه أشد الأمة اجتهادا في عبادة ربه وقيامه بحقه . وسنقف في هذه السطور مع شيء من هديه عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان المبارك حتى يكون دافعا للهمم ومحفزاً للعزائم أن تقتدي بنبيها ، وتلتمس هديه .
فقد كان - صلى الله عليه وسلم- يكثر في هذا الشهر من أنواع العبادات ، فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان ، وكان عليه الصلاة والسلام - إذا لقيه جبريل- أجود بالخير من الريح المرسلة ، وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان ، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن ، والصلاة والذكر الاعتكاف .وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور ، حتى إنه ربما واصل الصيام يومين أو ثلاثة ليتفرغ للعبادة ، وينهى أصحابه عن الوصال ، فيقولون له : إنك تواصل ، فيقول : ( إني لست كهيئتكم ، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ) أخرجاه في الصحيحين .
وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السحور ، وصح عنه أنه قال : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) متفق عليه ، وكان من هديه تعجيل الفطر وتأخير السحور ، فأما الفطر فقد ثبت عنه من قوله ومن فعله أنه كان يعجل الإفطار بعد غروب الشمس وقبل أن يصلي المغرب ، وكان يقول ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) كما في الصحيح ،
وكان يفطر على رطبات ، فإن لم يجد فتمرات ، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء , وأما السحور فكان يؤخره حتى ما يكون بين سحوره وبين صلاة الفجر إلا وقت يسير ، قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية . وكان يدعو عند فطره بخيري الدنيا والآخرة. وكان - صلى الله عليه وسلم- يقبل أزواجه وهو صائم ، ولا يمتنع من مباشرتهن من غير جماع ، وربما جامع أهله بالليل فأدركه الفجر وهو جنب ، فيغتسل ويصوم ذلك اليوم .
وكان - صلى الله عليه وسلم- لا يدع الجهاد في رمضان بل إن المعارك الكبرى قادها - صلى الله عليه وسلم- في رمضان ومنها بدر وفتح مكه حتى سمي رمضان شهر الجهاد . وكان يصوم في سفره تارة ، ويفطر أخرى ، وربما خيَّر أصحابه بين الأمرين ، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله ، وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنا في سفر في يوم شديد الحر ، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم و عبد الله بن رواحة ، وخرج عام الفتح إلى مكة في شهر رمضان ، فصام حتى بلغ كُراع الغميم ، فصام الناس ، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ، ثم شرب ، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ، فقال : ( أولئك العصاة أولئك العصاة ) رواه مسلم . وكان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ، ليجتمع قلبه على ربه عز وجل ، وليتفرغ لذكره ومناجاته ، وفي العام الذي قبض فيه - صلى الله عليه وسلم - اعتكف عشرين يوما . وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره مجتهدا ومثابرا على العبادة والذكر .
هذا هو هديه - صلى الله عليه وسلم - ، وتلك هي طريقته وسنته ، فما أحوجنا إلى الاقتداء بنبينا والتأسي به في عبادته وتقربه ، والعبد وإن لم يبلغ مبلغه ، فليقارب وليسدد ، وليعلم أن النجاة في إتباعه والسير على طريقه